Admin Admin
المساهمات : 157 تاريخ التسجيل : 17/10/2007
| موضوع: فقه السجود الأربعاء يناير 02, 2008 8:18 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
**
الحمد لله نور القلوب بالإيمان ، وشرح الصدور بالإسلام ، وهدى البصائر بالقرآن ، أفاض علينا النّعم ، ووقانا الشرور والنقم ، فله الحمد كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه ، نحمده على آلائه التي لاتعد ولا تحصى ، كما يحب ربنا ويرضى ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمه للعالمين ، سيد الأولين والآخرين ، وخاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد :
فإن من أعظم النعم ، وأجل المنن التوفيق للهداية ، والملازمة للطاعة ، إذ بهما تحصل طمأنينة القلب وسكينة النفس ، وبحصولهما يذوق المؤمن حلاوة الإيمان ،ويحوز لذة المناجاة ، التي تعاظمت فيها الشرور ، واختلطت الأمور وحُجب النور ، إذ كثرت الشبهات ، وغلبت الشهوات ، فإذا الألسن لاغية ، والقلوب لاهية ، والنفوس خاوية ، وصدق في كثير من البشر قول الحق جل وعلا { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا } ، تركوا هدى الله فتخبطوا بين ضلالات البشر ، واستكبروا عن عبادة الله فاستعبدهم الطغاة وأذلتهم الشهوات والأهواء ، ولم ينج من هذا كله إلا المؤمن الذي آمن بالله إلهاً واحداً ، ورباً خالقاً ، ثم عبد الله عظيماً مستحقاً للعبادة ، ومنعماً متفضلاً بالخير { والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } .
والمؤمنون العابدون هبت عليهم رياح الدنيا بعطر فتنتها ، وسلطت عليهم بأضواء بـهارجها ، فضعف إيمانهم وخلت عبادتهم من حقائقها الجوهرية ، ومعانيها الإيمانية ، وتأثيراتها النفسية وتغييراتها السلوكية ، ومضى طوفان المادة يطمس نور الإيمان ، ويفسد جمال الروحانية حتى صارت العبادات عادات عند كثير من المسلمين ، وصارت الصلوات مجرد حركات ، لا تعي العقول معانيها ، ولا تستحضر القلوب مراميها ، واستحكمت الغفلة حتى في صفوف جيل الصحوة ،وشباب الدعوة ، فرأيت من المهم أن توجه بعض الجهود إلى التذكير بحقيقة العبادة ، وبيان جوهرها الروحاني الإيماني، لأن العبادة الخالصة الخاشعة أساس مهم في بناء الشخصية الإسلامية عموماً والشخصية الدعوية الجهادية بشكل خاص .
وهذه الرسالة درسّ ألقيته ضمن سلسلة دروس عامة كنت أختار لها ما أراه مهماً من الموضوعات وما أعتبره أولوياً من القضايا والمشكلات ، وكان هذا الدرس ضمن هذه السلسلة ، وقد استحسن بعض الإخوة مضمونه ، وشعروا بالحاجة له ولأمثاله ، فعملوا مشكورين على نقله من أشرطة التسجيل إلى صفحات الورق ، فأعدت النظر فيه ، وأعدت صياغة بعض فقراته ، ووثقت نقوله وعزوتها ، وزدت عليه ما رأيته مكملاً لمادته ، ومحققاً لفائدته ، ووضعت مسألة تحت عناوين جامعة ، وقسمت مضامينه إلى تقسيمات واضحة ، والله أسأل أن يكون كل ذلك خالصاً لوجهه الكريم ، وأن يحصل به خير ولو يسير ، فمن رأى خيراً فلا مطلب ولا رجاء سوى الدعاء ، ومن رأى غير ذلك فأنني أطلب منه نصحه وإرشاده ، وأشكر له تسديده وتصويبه .
وقد جعلت هذه الرسالة فاتحة لسلسلة يتوالى إصدارها بأذن الله تعالى ، وتتناول موضوعات مهمة ، وقضايا ملّحة ، وليس في تقديم (( فقه السجود )) قصد محدد ، ولا فيما سيتلوه كذلك ، وإنما النشر والإصدار بحسب ما يتم إعداده ، وتتيسر أسبابه ، والله أسال أن يحقق المقاصد والغايات ، وأن يكتب الأجر ويضاعف الحسنات .
والحمد لله رب العالمين .
| |
|